النيازك
هي بقايا الأجسام الكبيرة التي دخلت إلى الغـلاف الجوي وتساقطت بقاياها عـلى الأرض ومعـظمها صغـيرة لدرجة أنه يستهلك في الغـلاف الجوي ، أو إذا تبقى أحدها ، فهو مجرد حصية دقيقة بلا فرصة للتواجد عـلى سطح الأرض ( هناك نيزك كوندرايت رأس تانورا ستة جرامات فق ، سقط عـلى نهاية رصيف بترول رأس تنورا في المملكة العـربية السعـودية سنة 1961 ) ومع ذلك فهناك نصف دستة أو نحو ذلك تكتشف كل عـام ، عـلى جميع بقاع الأرض في العـالم ودستة أخرى أو دستتين من النيازك التي لا تكتشف في سقوطها عـلى الأرض وتعـد الدائرة القطبية مصدرا غـنيا للموجودات النيزكية عـلى مدى سنوات يدفع انسياب الزمهرير ، النيازك تجاه حواف القارة ، حيث تميل للتجمع في أعـداد واضحة عـلى بقاع معـينة وتقوم المتاحف التاريخية الطبيعـية بجمع هذه النيازك منذ أوائل القرن التاسع عـشر وقد تم حتى الآن كتلجة ما يقرب من ثلاثة آلاف نيزك وبالطبع تسقط النيازك عـلى القمر حيث تحتوي عـينات تربته عـلى مركبة من مادة نيزكية مسحوقة .
سقط نيزكا عـلى سطح سقف منزل يزن ستة أرطال وطوله خمس بوصات تحت منضدة حجرة الطعـام خلال سطح وسقف حجرة المعـيشة وارتد من أرضية خشبية مغـطاة ببساط ( يحدث شعـاعـا قويا للأرض ) إلى أعـلى خلال السقف مرة ثانية إلى الغـرفة السطحية ثم عـاد ثانية إلى أسفل في حجرة الطعـام صادما الأثاث ويعـج حائطا قبل أن يستقر تحت المنضدة ثم وجد فيما بعـد ست قطع صغـيرة من النيزك في المكنسة الخاصة بالعـائلة والتي نظفت بها قبل برهة من وصول العـلماء وفي حالة العـائلة لم يؤذ أحد بالنيازك ولم يكن الهدم جذريا .
النيازك الصخرية الحديدية النادرة نسبيا وتتكون من كميات متساوية تقريبا من الحديد والصخر وتأتي النيازك عـلى جميع الأحجام بدءاً بالحبيبات الترابية إلى عـدة أطنان وغـالبا ما يتكسر النيزك المفردة في جو الأرض لينتج رخة نيزكية ( لا يتخللها رخة شهابية ) وتستطيع الرخات النيزكية أن تنتج عـدداً كبيراً من الشظايا .
التاريخ الكوكبي للنيازك :
هناك برهان معـروف أن النيازك لم تكن دائما سيارة خلال الفراغ الكوكبي في صور صخور صغـيرة ، كما هي الآن ولكنها كانت ذات مرة أجزاء من أجسام كوكبية ويعـتقد أن تكون الصدمات بين الأجسام هي التي كسرتها وأطلقت الشظايا التي أسرت الأرض قليلا منها كنيازك وكدليل عـلى ذلك :
أولا : هناك التناظر الظاهري بين النيازك والكويكبات ، التي يبلغ عـديد منها مئات الكيلومترات في أبعـادها وتصنف كذلك ككواكب صغـيرة .
ثانيا : للأشعـة الكونية أثر في توليد نظائر معـينة ( مثل هـ 3 ، في 20 ، جو 38 ) في النيازك حينما تكون صخور صغـيرة وهي عـلى سرعـة كبيرة في الفضاء ولا يحدث ذلك وهي مدفونة عـلى عـمق لا يزيد عـلى أمتار قليلة ، داخل الأجسام الأكبر فتكون محتجبة عـن الإشعـاع الكوني وتبين قياسات وفرة النويدات المتولدة بالأشعـة الكونية في عـينات النيازك أنها كانت محتجبة عـن الإشعـاع الكوني خلال معـظم فترة بقاء النظام .
ثالثا : تبين الغـالبية العـظمى من النيازك دليلا عـلى تأثرها بدرجات الحرارة العـالية لفترات زمنية طويلة نسبيا ، بعـضها قد ذاب وتجزأ كيمائيا كما هو ملاحظ حاليا ، وعـدد كبير ( معـظم الكوندرايتات ) قد ذاب ولكنه تحول بعـد أن ظل عـند درجات حرارة 1300 كلفن تقريبا ، لمدة كافية ( عـدة سنوات ) لتجعـل أنسجتها السيليلونية خشنة وتصبح اكثر تحبيا
مع التسليم أن النيازك ما هي إلا كسور كواكب ، فهل من الممكن أن تكون جاءت كلها مع الكويكبات من مواقع مختلفة من كوكب واحد كبير وهو الكوكب الخامس المفقود هناك عـدة صعـوبات لإثبات هذه الفرضية :
أولا : إننا يجب ملاحظة أن أعـماق الدفن التي يدل عـليها معـدلات تبريد سبيكة الغـاز ليست جميعـها هذه الضخامة .
ثانيا : تبخر باطن أكبر الكواكب معـرض للضغـط العـالي والضغـوط العـالية تنتج معـادن ذات خواص معـينة مثل الجرانيت ، الذي لا يوجد في النيازك التي تظهر متزنه في البواطن الكوكبية .
ثالثا : هناك فوارق كيميائية هامة بين الرتب الثانوية للنيازك المختلفة بما يجعـل من غـير الملائم أن تتواجد سويا في جسم واحد .
رابعـا : إنه من الصعـب عـمليا تكسير كوكب كبير ، وليس من الممكن فعـليا تشظية أجزاء من سطح جسم ضخم الحجم ، دون سحقها إلى فتات ( وهو ما يحدث عـلى القمر فعـلا حين تصدمه باستمرار مقذوفات عـالية السرعـة فتسحقه ، في حين تنقذف أجزاء البقايا القمرية للخارج بسرعـات أكبر من سرعـة الهروب القمرية التي تبلغ 1.7 كم / ث
المذنبات
المذنبات من أكبر الأجسام التي تتحرك في مدارات مغـلقة أو مفتوحة حول الشمس وتتميز مداراتها بلامركزية أكبر عـن لامركزية مدارات الكواكب والكويكبات ولها مدى أكبر في ميلها عـلى مدار البروج ( مستوى مدار الأرض ) .
يتم اكتشاف أو إعـادة إكتشاف عـشرة مذنبات سنويا أحدها لامع مرئي بالعـين المجردة ويعـتبر العـلماء أن المذنبات ذات قيمة كبيرة في الدراسة للأسباب التالية :
1 - هي في حد ذاتها أجسام ذات فتنة للأنظار منذ فجر التاريخ .
2 - هي أدوات ضرورية في سبر أغـوار الرياح الشمسية .
3 - تعـتبر المذنبات بقايا المادة الأصلية أو الخامات الكوكبية التي تكون منها النظام الشمسي .
4 - تستخدم المذنبات في تفسير بعـض الظواهر الأخرى في النظام الشمسي .
الأجزء الرئيسية للمذنبات :
1 - الذيل :
عـادة ما تبين صور المذنبات ذيلين واضحين أحدهما ترابي والآخر يحتوي عـلى البلازما يبدو الذيل الترابي أصفرا لأن الضور الواصل إلينا منه هو الضوء المنعـكس من الشمس نفسها ويبدو الذيل البلازمي أزرقا لأن الإشعـاع المنبعـث من أول أكسيد الكربون المتأين الموجود في الذيل يبلغ ذروة شدته عـند 4200 أنجستروم والذيول الترابية والبلازمية يمكن أن تتواجد منفردة أو معـاً في مذنب واحد ، وعـادة ما يرى المذنب في شكل أقواس سابحة وذيول ترابية متجانسة يتراوح طولها ما بين مليون وعـشرة ملايين كم وأحيانا 150 مليون كم وتوضح الدراسات البولار يمترية أنه قد يبلغ عـرض الجسيمات المكونة ميكرونا واحد وربما تتكون من معـادن السيليكا ، وعـادة ما يكون الذيل البلازمي مستقيماً ويحتوي عـلى كمية كبيرة من التراكيب الدقيقة ويبلغ عـشر مرات تقريباً قدر طول نظيره الترابي حتى 100 مليون كم ويشير اتجاه الذيل البلازمي عـادة إلى اتجاه مضاد لأشعـة الشمس ويبدو البلازمي وهو متكون من الكترونات وآيونات جزئية ناشئة عـن منطقة محدودة في النواة تقع في مواجهة قرص الشمس وتمدنا هذه التفاصيل الشاملة بدليل مقنع عـن وجود مجال مغـناطيسي متشابك عـلى طول الذيل بأكمله .
2 - السحابة الهيدروجينية :
أثبت الدراسات أن مذنب ( تاجو - ساتو - كوساكا ) ومذنب ( بنيت ) كانا محاطين بسحابات هيدروجينية ضخمة وقد صاحبت سحابات مشابهة عـديدا من المذنبات الأخرى وإمتدت إلى عـدة ملايين من الكيلومترات أكبر من المشس أصلاً .
3 - الذؤابة :
يحيط هذا الغـلاف الغـازي الترابي بالنواة ويمتد منها إلى مدى يتراوح بين 100 ألف ومليون كم ، وينساب بمعـدل سرعـة قدره 0.5 كم / ث ولعـل إنسياب غـاز الهالة هو الذي يسحب الجزيئات الترابية من النواة وفي العـادة لا تظهر هالات المذنبات إلا عـند إقترابها إلى مسافة تصل إلى ثلاث وحدات فلكية من الشمس .
4 - النواة :
رغـم أننا لا نملك صورا فوتوغـرافية لنواة مذنبية إلا أن الأدلة القوية تؤيد وجود جسم مركزي هو مصدر كل الغـازات المذنبية والتراب وربما تكون النواة غـير منتظمة الشكل ويتراوح قطرها بين عـدة مئات من الأمتار إلى 10 كيلومترات وتتراوح كتل الأنوية بين 100 مليون طن وبين 10 آلاف بليون طن ، ويعـتقد أنها تنقسم بالتساوي تقريبا بين الثلج والتراب وإذا كان هذا الفرض الأخير حقيقيا فإن متوسط كثافة النواة يجب أن يكون 2جم / سم3 ( مرتين قدر كثافة الماء ) .
مذنب هـالي :
يعـد عـقد الثمانينات أنسب الأوقات لدراسة المذنبات فهو يشرف بظهور مذنب هالي أشهر هذه الأجسام السماوية طرا وتعـود أرصاد مذنب هالي إلى السجلات الصينية القديمة التي أرجعـت ظهوره عـلى الأقل إلى عـام 240 قبل الميلاد ، وظلت تتابع ظهوره في نقطة حضيضة ما يزيد عـلى ألفي سنة .
وقد كان يفترض ضمنا حتى زمن اجموند هالي أن المذنبات تقوم بزيارات متفرقة خلال النظام الشمسي الداخلي ولم يكن هناك انتباه جدي لاحتمال عـودتها الدورية لقد استخدم هالي نظريات إسحق نيوتن الحديثة آنذاك الخاصة بالجاذبية والمدارات الكوكبية لحساب مدارات عـدة مذنبات وقد لاحظ أن مدارات المذنبات المرصودة في أعـوام 1531 - 1607 - 1782 تامة التشابه وأعـزى هذا التشابه إلى احتمال أنها تابعـة لنفس المذنب وهذا الفرض جعـله يتوقع عـودتها عـام 1759 ولكن إدموند هالي ما ت عـام 1753 وقد حدثت العـودة كما توقعـها وهنا أطلق اسم هالي عـلى المذنب تكريما له .
ويتميز مدار مذنب هالي بدوره قدرها 76 سنة في المتوسط بمسافة حضيضية قدرها 0.59 وحدة فلكية وأوج قدره 35 وحدة فلكية ويبلغ نصف قطرالنواة المركزية 2.5 كم وهي المصدر الأساسي للظواهر المذنبية التي يعـد الذيل الطويل العـجيب أحدهما ، وهكذا نرى أن مذنب هالي فريد في نوعـه ويحتل في تاريخ البشرية موقعـا ملحوظا وفي نفس الوقت فهو مذنب كبير مستقل بذاته ، إمكانياته مثيرة فهو المذنب الوحيد الذي يحتوي عـلى كل الظواهر المذنبية وله مدار محسوب ، حيث بلغ أوج مداره عـام 1948 وقد بلغ حضيضه عـام 1986 في السادس من قبراير وقد أرسلت اليه سفينة الفضاء اليابانية جيوتو التي اقتحمته وقامت بتحليل مادته الترابية الثلجية وأثبتت وجود الماء فيه وأثبتت صدق الدراسات الطيفية والبصرية النظرية والرصدية عـن المذنبات .
الشهب
الشهب عـبارة عـن أجسام صغـيرة جدا تشبه رأس الدبوس أو حبة الرمل تدخل الغـلاف الجوي للكرة الأرضية بسرعـة كبيرة جدا تصل إلى 40 كم / ث ويتسبب الاحتكاك الشديد مع جزيئات الغـلاف الجوي في إحتراقها بالكامل وإذ كان حجم الشهاب كبيرا فإن ما تبقى منه يسقط عـلى الأرض ويسمى في هذه الحالة نيزكا .
أهم الخواص الفيزيائية للشهب :
تعـتمد الارتفاعـات التي تظهر عـليها الشهب ثم تختفي عـلى سرعـتها الإبتدائية وزاوية ميلها الرأسي وكتلتها الأساسية ومدى صلابة مادتها وترى العـين المجردة سرعـة الشهاب عـند حوالي 30 كم / ث وتترك ذيلا لامعـا عـلى ارتفاع بين 80 و 110 كم وكلما كان الشهاب خافتا كلما كان طول مساره طويلا وكلما كان أسرع في دخوله الغـلاف الجوي كلما كان موقع ذيله أعـلى وتتبخر نهاية الذيل اللامع تاركة رواسب من الذرات المعـدنية ( أساسا من الصوديوم والكالسيوم والسيليكون والحديد ) في أعـلى الغـلاف الجوي وتعـد هذه الرواسب ذات ميكانيكية هامة في تكوين القص الرياحى لنوع معـين من طبقات أعـلى الغـلاف الجوي عـالية التأين والانعـكاسية الراديوية والمعـروفة باسم طبقات ث المتقطعـة .
وأذيال الشهب نفسها عـبارة عـن أعـمدة متمددة من الذرات والآيونات والالكترونات التي فارقت الشهاب بعـد تصادمها بجزيئات الهواء ويمكن أن تسخن إلى عـدة آلاف من الدرجات المئوية ولفترة قصيرة من تكوين الذيول تصير الإلكترونات كثيفة لدرجة تعـكس معـها الموجات الراديوية ذات التردد العـالي وبذلك يمكن أن تستخدم لإرسال رسائل راديوية قصيرة ( 0.1 - 15 ) ثانية ذات المضمون الجيد عـبر مسافة قد تصل إلى 2200 كم ، وحيث أن الإشارات المنعـكسة يؤثر عـلى الإتصالات الراديوية فإن الطلب متزايد عـلى إستخدام الشهب في الأغـراض العـسكرية والتجارية الخاصة .
مدرات الشهب وسرعـاتها :
تدور الأرض حول الشمس بسرعـة 30 كم / ث ، فإذا كان مصدر هذه الأجسام يقع فيما بعـد النظام الشمسي فإنه تبعـا لقوانين الميكانيكا السماوية كان يجب أن تكون سرعـتها عـند سطح الأرض أو عـند متوسط المسافة بين الأرض والشمس أكثر من 42 كم / ث وقبل إصطدامها بالغـلاف الجوي حوالي 72 كم / ث ولكن السرعـة التي يطرق بها الأرض مباشرة تدل عـلى أن مصدر معـظم الشهب هو تكسر أجسام هي أعـظاء معـمرة في النظام الشمسي ويعـمل الشد التجاذبي للأرض عـلى ألا تصل سرعـتها في الغـلاف الجوي صفرا ، فالسرعـة التي يحققها جسم يجب أن يكون الحد الأدنى والأقصى لها هو 11 و 72 كم .
اتجاهات الشهب :
تبين محصلة السرعـات التي تدور بها الأرض حول الشمس عـلى أن الشهاب يأتي من مصدر معـين في السماء يسمى القطرية ، فإذا كان هناك للعـديد من الشهب نفس المدار فإن الأرض سوف تجرفها في أوقات معـينة من السنة وهو ما يسمى زخة شهابية وتسمى الزخات الشهابية بأسماء المجموعـات النجمية أو النجم اللامع الذي ترى عـندها أو عـنده أما الشهب التي لا تقترن بأي منها فتسمى بالشهب المتقطعـة .
وبينما تبدى بعض الشهب تغـيرات يومية أو سنوية ، فإن بعـضها أكثر ثباتا من البعـض الآخر ، وتتميز بأوقات شبه ثابتة في بدايتها ونهايتها ، وقمة انهمارها وإحداثيات إشعـاعـاتها وسرعـاتها المدارية .